صاحبة السمو الملكي الأميرة الجوهرة بنت إبراهيم البراهيم شخصية متميزة في مجال العمل الخيري التطوعي، لها أيادٍ بيضاء على الكثير والكثير من المؤسسات الخيرية الاجتماعية والعلمية البحثية والطبية؛ سواء في المملكة العربية السعودية أم خارجها؛ فلم يكن عطائها مقصورًا على أبناء وطنها، بل على الجميع؛ انطلاقًا من الانتماء العروبي والإسلامي؛ ذلك الانتماء الذي ينم عن اصالة نفسها، وإيمانها العميق بواجبها تجاه أمتها على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي.
إن الترجمة لسمو الأميرة الجوهرة إنما هي ترجمة متعددة المناحي كثيرة الوجوه عظيمة الجوانب؛ فهي زوجة ملك عرف بإنسانيته وخيره، ومن جانب آخر هي ذات بصمة ودور ورسالة ومسؤولية وعطاء، فهي تميزت بالجود والكرم، وإن تحدثنا عن العلم والبحث والتطوير، فهي السبَّاقة المبادرة ذات الرؤية الاستشرافية الواعية؛ تدرك احتياجات المرحلة والمراحل التي تليها؛ فتعمل على بصيرة ونور وفق منهجية وتخطيط لبناء نهضة علمية تليق بمملكة الخير وبأبنائها الكرام؛ بوصفها نهضة تمثل حلقة في سلسلة طويلة متصلة الحلقات من العلم والعمل في تاريخ المملكة الحافل بالإنجازات.
هي سمو الأميرة الجوهرة بنت إبراهيم البراهيم، حرم خادم الحرمين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية -رحمه الله- ووالدة صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن فهد بن عبد العزيز آل سعود، السيدة الأولى التي وضعت بصمتها في كل زاوية من زوايا الوطن، وبين نساء المجتمع الداخلي والخارجي؛ لما لها من شخصية مميزة قامت بأدوار رائدة في دعم وتشجيع وتطوير المجالات التعليمية والتربوية والثقافية والتطوعية في المملكة؛ فسيرتها حافلة بكل ما يؤكد بصمتها الواعية ودورها الرائد.
وهي آخر زوجات الملك فهد، وتعود لأسرة آل إبراهيم، فجَدّها ووالدها عاصرا الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، وكانا من رجـاله المخلصين، وينتمي أخوالها لأسرة آل العساف، عاشت الأميرة وتربّت تربية محافظة في كنف والدها الشيخ إبراهيم بن عبد العزيز البراهيم، الذي تولى مناصب مهمة في عهد الملك عبد العزيز وأنجاله من بعده؛ الملوك سعود وفيصل وخالد وفهد، وتوفي والدها في 7 أبريل (نيسان) 1986م، في منطقة حائل في حادث غرق، وكان لوفاته الأثر البالغ في نفسها.
كان والدها إبراهيم بن عبد العزيز الإبراهيم، من رجالات الإدارة في السعودية؛ فتنقلت الجوهرة مع أسرتها الكبيرة -بحكم طبيعة عمل والدها- في عدة مناطق من السعودية؛ مثل: الطائف ومكة والقنفذة والباحة، وتلقت علومها الدراسية ما بين مكة المكرمة ومدينة الطائف.
ويذكر أن أول رحلة لها خارج السعودية كانت في عام 1956م إلى لبنان مع أسرتها كلها، كما أن لها إسهامات خيرية في جميع نشاطات البر في المملكة وخارجها، وقد رعت المناسبات التعليمية والاجتماعية النسائية، كما أن لها جهودًا في دعم مسيرة المرأة السعودية بمختلِف المجالات الاجتماعية والتعليمية والخيرية.
وقد أسَّست إرثًا عظيمًا لأبناء الوطن؛ من مؤسسات في مجالات خدمية وعلمية وبحثية كثيرة، ربما يتعجب من يطلع عليها أن يستطيع إنسان في مدة وجيزة إنجاز كل هذه الأعمال الكبيرة.. وقد مُنِحت صاحبة السمو الكثير من العضويات الشرفية في عدة جمعيات ومؤسسات خيرية؛ لجهودها وسعيها الحثيث في مجال الخدمة المجتمعية.
كما أنها نموذج رائد مشرِّف للمرأة العربية المسلمة بشكل عام، والمرأة السعودية بشكل خاص؛ لمبادراتها الاجتماعية والإنسانية، وما تقوم به من أعمال البر المتنوعة، علاوة على تبرعاتها السخيَّة للجمعيات الخيرية، وعطائها الوفير للمؤسسات الاجتماعية والخدمية، ودعمها غير المحدود، للمحتاجين في شتى المجالات، فقد أنشأت مؤسسة خيرية تحمل اسمها؛ هي (مؤسسة الأميرة الجوهرة بنت إبراهيم البراهيم الخيرية)، تلك المؤسسة التي لا تفتأ تطلق مبادراتها الاجتماعية والإنسانية، وتغدق العطاء للجمعيات الخيرية في المملكة وخارجها من بقاع العالمين العربي والإسلامي.
وكان لسمو الأميرة مبادرات رائدة على المستوى الاجتماعي، انطلقت فيها من الحسّ الاجتماعي، ومسؤوليتها بوصفها السيدة الأولى في المملكة، علاوة على شعورها بمشكلات الشبيبة، لا سيما المقدمون على الزواج، ورؤيتها الثاقبة لما يكتنف تلك الخطوة في حياة كل إنسان من تبعات مادية ومسؤوليات ونفقات لا حصر لها؛ ومن هذا المنطلق ومن كونها بحق أمًّا لكل السعوديين، بل أمًّا لكل العرب، فقد تكفلت مؤسسة الأميرة الجوهرة الخيرية بتزويج ثلاث مئة شاب وفتاة، ونهضت المؤسسة بالأعباء والتجهيزات كافة؛ بناء على توجيهات صاحبة السمو، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل أعدت المؤسسة من خلال رؤية الأميرة الجوهرة برامج كثيرة لتيسير الزواج وتمهيد الطريق أمام موكب الحياة الزوجية السعيد.
إن الحديث عن تبرعات سمو الأميرة الجوهرة بنت إبراهيم البراهيم حرم خادم الحرمين الشريفين الملك فهد -رحمه الله وأجزل له المثوبة- إنما هو حديث تذهل له العقول؛ فهي البحر إذا أعطى، والغيث إذا أحيا؛ فقد حرصت صاحبة السمو على سدّ كل خلل وإكمال كل نقص وإقامة كل اعوجاج؛ فأزالت بالمال والكرم والعطاء كل عقبة، وأقالت كل عثرة، ورفعت أي حرج؛ من خلال تبرعاتها التي لا تحصى لكل ذي حاجة أو مسألة، لا على مستوى الأفراد فقط، بل على مستوى المؤسسات والجمعيات والجامعات؛ غير مقصور عطاؤها على أبناء المملكة وحدهم، بل على مستوى العالمين العربي والإسلامي؛ فمثَّلت بذلك الأميرة المسؤولة، والأم الكريمة التي ترى كل السعوديين والعرب والمسلمين أبناءها وذوي حق عليها.
وعلى الرغم من أياديها البيضاء وإسهاماتها الخيرية في كل مجال، فإنها كانت حريصة جدًّا على العمل في صمت وسرية؛ فلا تشغلها الأضواء، ولا تنقصها الشهرة، بل العمل والاجتهاد وخدمة هذه الأمة العظيمة الخالدة؛ حتى إن الخدمة والعمل الخيري التطوعي اتخذ في حياتها شكلًا مؤسسيًّا منظمًا؛ من خلال “مؤسسة الأميرة الجوهرة بنت إبراهيم البراهيم الخيرية” التي لها الكثير والكثير من المبادرات، بل في كل طريق للخير ومجال للعطاء تركت بصمة لا تُمحَى، وأثرًا لا يعفوه الزمن.
وحظيت سمو الأميرة بالتكريم في مناسبات ومحافل كثيرة؛ لجهودها العظيمة في الأعمال الخيرية والتطوعية في المجالات العلمية والبحثية وغيرها ……….